مدينة وعد الشمال الاقتصادية وعد تحقق على أرض الوطن الحبيب، وهذا الوعد أقوى وأعلى صوتا من أي قول، لأنه من أقوال عبد الله بن عبد العزيز الإنسان ، الملك ، راعي العدالة والتنمية، رائد الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي في بلادنا. إن الوعد الذي أُنجِزَ أروع وأصدق من أي كلام، فليُنصت التاريخ عندما تتحدث الإنجازات، وها هي منجزاتنا تتحدث عن نفسها، وها هي عجلة التنمية مستمرة في الدوران بتوفيق الله، ثم بحكمة القيادة الرشيدة.
لقد خطت مملكتنا الحبيبة في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك المفدى عبد الله بن عبد العزيزــــــــ يحفظه الله ــــــ خطوات واثقة نحو أهدافها المرسومة، وحققت إنجازات شامخة وعملاقة على مختلف الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فمن مدن اقتصادية متعددة الأغراض، إلى مشروعات عملاقة متنوعة ؛ استطاعت أن تغير شكل الحياة علي أرض هذا الوطن الغالي، في شتى المجالات التعليمية والصحية والصناعية وغيرها.
ولم يكن بلوغ ما وصلنا إليه شيئا ميسورا، لولا التخطيط، ورسم الاستراتيجيات اللازمة للتنفيذ وفق الخطط الخمسية للدولة، وإيمان القيادة الرشيدة بأهمية التغيير
والتطوير، وهذا ليس بالأمر الغريب على أمة اتخذت كتاب الله وسنة رسوله دستوراً ومنهاجاً، وحظيت بعبد الله بن عبد العزيز ملكاً داعما وراعياً.
ففي إطار خطة الدولة ــــــ أيدها الله ـــــــــ في توزيع التنمية في البلاد والتي بدأ يلمسها الكبير والصغير، أصبحنا نرى الجامعات منتشرة في كل منطقة ؛ فمن سبع جامعات ـــــــ في السابق ــــــــ أصبحت بلادنا تعج بأربع وعشرين جامعة حكومية ؛ تنشر نورها في شتى ارجاء البلاد، هذا فضلاً عن العديد من الجامعات الأهلية التي تدعمها الدولة . واما المدن الصناعية فقد انتشرت هنا وهناك على أرض الوطن الحبيب ؛ فمن مدينتين صناعيتين إلى عشرات المدن الصناعية التي تدفع عجلة التنمية في شتى أرجاء الوطن.
وما مدينة وعد الشمال الاقتصادية إلا واحدة من هذه المدن العملاقة التي تجسد خطة الدولة ــــــ أيدها الله ــــــــ على أرض الواقع ؛ إيمانا من قيادتها الرشيدة بضرورة توزيع التنمية في شتى مناطق البلاد . فقبل أيام قليلة ؛ أُثلِجتْ صدور أبناء هذا الوطن بصفة عامة، وأبناء منطقة الحدود الشمالية بصفة خاصة، بقرار مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين ــــــــ حفظه الله ـــــــــ بالموافقة على إنشاء مدينة اقتصادية عملاقة ، أُطلق عليها "مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية" والتي ما هي إلا جزء من تطلعات القيادة الحكيمة نحو التنمية المستدامة على أرض هذا الوطن المعطاء ؛ تلك المدينة التي نتوقع أنها ستضارع ـــــــ بمشيئة الله ــــــــ المدن الصناعية الكبرى بفضل موقعها المتميز قرب أرض المعادن في شمال بلادنا السعودية، تدعمها الطرق السريعة والحديثة التي تربط بين العديد من دول الجوار . ولا شك أن تلك المقومات ستسهم بشكل فعال في نمو وتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني ، كما أن هذه المدينة المباركة ــــــ إن شاء الله ــــــ ينتظر منها أن تنشط الحركة التجارية والاقتصادية والصناعية بمناطق شمال المملكة، وذلك من خلال ربطها بالشركات الأخرى في كل من الجبيل وينبع عبر السكك الحديدية . إن هذه المدينة العملاقة سوف توفر آلاف بل عشرات الآلاف من فرص العمل لأبناء منطقة الحدود الشمالية والمناطق المجاورة ، وستساعد ــــــ بمشيئة الله ــــــ في القضاء على البطالة.
ومما لاشك فيه أن الجامعات باعتبارها بيوت الخبرة، يمكنها أن تلعب دورا كبيرا في هذا الصدد ، فضلاً عن قيامها بواجباتها البحثية والتعليمية وإثراء العلم والمعرفة ؛ فإذا كان يقع على عاتق الجامعة مسؤولية تقديم المشورة العلمية لكافة قطاعات المجتمع ، حكومية كانت أم خاصة ، وتقديم الخدمات البحثية والاستشارية، وإيجاد الحلول لشتى المشكلات العلمية والعملية، فإن ثمة شراكة لابد أن تكون حاضرة باستمرار بين الجامعة والمجتمع المحلي في البحث والتطوير ودراسة المعوقات والعقبات التي تقف في طريق التنمية.
وإيمانا منا بأن جامعة الحدود الشمالية هي الرئة النابضة في هذه المنطقة، ومن منطلق إحساسنا بمسؤوليات جامعتنا تجاه هذا الوطن بصفة عامة، وهذه المنطقة بصفة خاصة، تسعى الجامعة لتسخير كل طاقاتها وإمكانياتها من أجل المساهمة الفاعلة في هذا المشروع العملاق ؛الذي سوف يعود نفعه على أبناء المجتمع.
وانطلاقاً من قناعتنا بأن البحث العلمي هو قاطرة التنمية في المجتمعات، وحيث إن الجامعة ــــــ ولله الحمد ــــــ لديها كوكبة تعتز بها من العلماء والخبراء، في مختلف التخصصات ، قادرين على تطويع المنجزات العلمية لخدمة مجتمعنا وتنمية موارده وقدراته، وذلك من خلال من هم على رأس العمل، أو من يتوقع عودتهم من مبتعثي الجامعة في مختلف التخصصات، الذين تحرص الجامعة على ابتعاثهم إلى أرقى الجامعات العالمية، فإن الجامعة تعمل الآن على إيجاد مركز للبحوث العلمية يمكن من خلاله تقديم كل ما تحتاج اليه هذه المدينة من خدمات بحثية وتخطيطية، قائمة على أساس علمي سليم . ومن خلال كليات الهندسة والعلوم وإدارة الأعمال وغيرها من مؤسسات الجامعة التعليمية ؛ سوف تكون الجامعة قادرة على تقديم خدمات عديدة ؛ كتنمية القدرات وتطوير المهارات، والمساعدة في ترجمة الأهداف إلى سياسات، والسياسات إلى
إجراءات محددة يمكن تنفيذها على أرض الواقع، بالإضافة إلى العديد من الخدمات الأخرى المرتبطة مباشرة بحل مشكلات الإنتاج وتحسين نوعية المنتج ، وترشيد التكاليف وتقليص الفاقد، وابتكار تقنيات ونظم إنتاجية تساعد على استخدام المواد الأكثر وفرة والأرخص سعراً . هذا فضلاً عن أن الجامعة لن تتوانى عن التفاعل مع حاجة هذه المدينة الصناعية الواعدة باستحداث أي تخصص قد تحتاجه هذه المدينة مستقبلاً.
وبقي أن نقول : إن جامعة الحدود الشمالية مستعدة للتعاون مع إدارة هذه المدينة الاقتصادية ، بتقديم الدعم والمشورة والبحث العلمي في مجال أنشطة هذه المدينة الواعدة، بما يساعد في إنجاح هذا المشروع وتحقيق أهدافه ،وهي قادرة ــــــ بإذن الله ــــــ على القيام بواجباتها على الوجه الأكمل . هذا والله أسأل أن يديم علينا نعمه الكثيرة، وأن يحفظ لنا راعي نهضتنا خادم الحرمين الشريفين ، الملك عبد الله بن عبد العزيزــــــ متعه الله بالصحة والعافية ــــــ وسمو ولي عهده الأمين، والله الموفق،،،،
أ.د. سعيد بن عمر آل عمر
مدير جامعه الحدود الشمالية